كانت -رحمها الله- من ألطف الناس وأقوى الناس، ومن أحسن من قد يمرّ عليك خُلُقاً. وأظن أن قدراً كبيراً مما تتحلى به من حسن خلق راجعٌ إلى قَدْر ذاتها عندها.لا من جهة أنه قدْر يجعلها تتعالى أحد، أو تطلب ما يخصّها بمكانة عند أحد، أو تؤثر نفسها بالأشياء، أو تزاحم على امتلاك الأشياء، أو تسابق على المكانة، ولكنه قدْرٌ يجعلها تجتهد في طلب الكمال المستطاع في ذاتها، وفيما تكونه وتكون عليه من الأحوال.قدْرٌ يجعلها تصاحب حسن الخلق في أخص أحوالها مع نفسها، ومع أقرب الناس إليها، وأكثرهم انكشافاً عليها، مصاحبة تجعلها تتمسك بحسن الخلق ما استطاعت في أكثر الأوقات التي تجد فيها ما يبرر تخلّيها عما تطلبه من كمال الأخلاق، حتى يكون طبعاً لصيقاً بذاتها، لا عَرَضاً تتزين به، حتى أن أقرب الناس منها أكثر من رأى زينة روحها ووتمسُّكها بالتجمُّل في طباعها.
قدْرٌ يدفعها إلى أن تتمسك بالإحسان فيما تقوم به من الأشياء، والإتقان فيما يوكل إليها من الأعمال.وإني لأظن أن المفتاح الذي يعينك على التمسك بمثل هذا، ويمثّل أصلاً فيه هو: الصبر والأناة؛ أن تصبر على نفسك، تُلزِمها السكينة والتريث، ثم أن تبني أفعالك (مواقفك وأقوالك) لا على ردات الفعل، وإنما على الاستجابات الواعية للمواقف.
إخفاء التعليقات