مبارك عليكم الشهر … مبارك عليكم … بهاء المنائر …! مبارك عليكم … دعاء المنابر …! أما أنا … فـ رمضاني … مختلف …! ليس فيه أذانٌ … ولا مدفع …! لكنه … رمضان …! احتفالُ وَحده …! عندما يأتيك رمضان … في بلاد لا تعرف رمضان … يأتيك … رسالةً من السماء أنت رسولها …! مناسبةٌ تَخُصُّك جداً … حميماً جداً … كثيفاً جداً … يجمع كل مظاهره في وجدانك … حتى لكأنه يظهَر فيك … وكأنك أنت مظهر من مظاهره …! نعم … هو يوم كسائر الأيام هنا … لكنه يوم … تتزين له السماء … والسماء إذا تتزين … تهب الأرض –كل الأرض- نفحةً من نفحات حنانها وجمالها … وجلالها … تَطوافاً بكل القلوب … بل بكل شيئ … ولكن القلوب الكادحة الملأى قَلَّ أن تلتفت …! رمضان … في البلاد التي لا تعرفه … يأتي مُحَمَّلاً برمزية كثيفة …! بسمةٌ على الوجوه الملونة … أو تلويحةٌ ,ودودةٌ على مسافة شارع … تكفي لأن تجعل العالم الإسلامي يحتفل معك …. من أندونيسيا … إلى المغرب … مرورأ بالشام واليمن … ومصر والسودان … والخليج … العَذب …! وتحين صلاة الظهر … في نهارٍ قد أَلِفَ الكدح …! ويزدحم المسجد … حتى الممرات والمكتبه ومصلى النساء الذي احتله الرجال … في مُعظمه …! ويكبر الإمام … ويقنت في الرابعة … ويدعو بلهجةٍ شامية فَتِيّةٍ أبيّة: ” اللهم انصر المجاهدين … اللهم انصر الشعوب المجاهدة … اللهم “فَتحا” … اللهم “بدراً” … اللهم نصرا … ويُؤمِّن على دعائه : الصومالي المسلم … والأندونيسية المسلمة … والمصري المسلم … والسودانية المسلمة … الكردي المسلم … والعراقية المسلمة … والأوروبي المسلم… والسنغالية المسلمة … والألسنة الملونة … يجمعها بياض الدين …! وتنقضي الصلاة … وتدخل مصلى النساء … محجبةً كأكمل مايكون الحجاب … أوروبية …. هكذا تبدو ملامحها … وتتلفت متلهفةً متسائلة : صلى الإمام ؟ … قُضِيَت الجماعة ؟ فأجيبها: نعم … فتفزع للصلاة … كأنها لم تكن تُكَلّم أحدا … فضولٌ يعتريني … َأ هكذا الدين … إذا دخل القلوب الخالية أولِعَت به …؟ ما بالُ قلوبنا إذاً …؟! وتفرغُ مِن صلاتها … وتتلفت لمن حولها بذات اللهفة … تسأل عن صلاة التراويح: هل تقام للنساء في هذا المسجد ..؟ لأن المساجد الأربعة في المنطقة التي تسكن لا تتسع للنساء في صلاة التراويح – والمساجد هنا مساحاتها محدودة بطبيعة الحال-… ويبدأ حديث الدهشة … الذي تتسع فيه أحداقنا بالتناوب …! – أنا من الكويت – الخليج العربي، من أين أنت أخية؟ – بولندا- بين روسيا وألمانيا – فضولٌ ما … هل لي أن أعرف حكاية إسلامك ؟ – وتبتسم … كأنها ملت السؤال … أو تكرار الحكاية J ويتجاوز فضولي السؤال إلى مابعده … لا وقت للإلحاح … بعد نصف ساعة تبدأ المحاضرة التي تبعد ربع ساعة عن المصلى … وإذا هي مسلمة منذ 14 شهراً … – واااو … مسلمةٌ جديدة …! وتتسع حدقتاها باعتراض : – جديدة !!! أنا في بولندا أعتبر قديمة …! – أسألها: قديمة !!!؟؟ هل يعني ذلك أن قائمة المسلمين الجدد تتجدد باستمرار ؟!! – نعم … تماماً … صديقتي أسلمت منذ أسبوعين … – أسألها: وستصوم رمضان؟! – طبعاً …! – أسألها: وكيف ستصوم نهاراً يبلغ طوله 18 ساعة وهي بعدُ حديثة عهد ؟ … أنا دائما أفكر بصيام المسلمين الجدد في أوروبا … أخشى أن يفتنوا …! – قالت: من ترك دينه من أجل الإسلام … لن يقضي نها رمضان محملقاً في الساعة ينتظر الغروب …! وأتذكر نهاري اليوم … في الطريق إلى الجامعة … أقطعه مشيأ … مسافات طويلة … وإحدى قدميَّ تلقي بثقلها على أختها … بسبب ما أصابها … حين وجدت نفسي لا شعورياً أحملق في قنينة ماء بارد … يسكبها في جوفه أحد المارة … لولا أن مَنَّ الله عليه … فأضاءت إشارة المشاة لونها الأخضر وافترقنا …! وتودّعني … في دهشتي … على أمل لقاء … وقد سكبت في روحي … من سقيا رمضان …ما رواها …! * كتبتُ هذه المقالة في 1 رمضان 1432 الموافق 1 أغسطس 2011 … حينها كنتُ “على سَفَر” …
مصدر الصورة
إخفاء التعليقات