وتخرج أنت من هذا لتحكيه، ديناً على اللغة، واستصحاباً لأرزاق لا ترى، ولُطف يتنزل، تكاد تتلمسه الأيدي ولكن لا تراه العيون.
التدوينات كلها
دون الرثاء، وفوق اللغة.
في قاعات البحث وفصول التعلم،، وعلى كراسي الانتظار، وفي مشاوير المواصلات كثيراً ما يواجهني -بما أنا امرأة، سمراء، محجبة- فضول في أعين الناظرين أو أحكام مبطنة في أسئلتهم، عما أتى بي إلى هنا، وعن حياتي. أسئلة تستبطن حكماً على أوطاننا أنها سجون للنساء، أو أن بيوتنا قلاع مانعة، يُضرب عليهن فيها بسور وأقفال.
السّعة، والضيق، والتقلُّل -كذلك- مثل كل المعاني النسبية، مفاهيم ثقافية. الواسع في هذه الثقافة -ابتداءً- هو ما تصفه الجدات بأنه واسع، لا ما تصفه هذه الحضارة الإسمنتية.
بعض المتابعين العرب يظن أن (حصة) اسمٌ للمدونة، ومعناه (حصة مدرسية)، فأقول له: أنه اسمي، وأنه يعني نوعاً من اللؤلؤ في الخليج (هو دون الدانة: كبار اللؤلؤ، وفوق القماش: صغاره). وأن جدّي كان غواصاً، وأنه اسم جدتي. أحوّل الموضوع إلى حصة مدرسية.
أعادني هذا إلى كل ما كتبته في ملفاتي من خواطر ومسائل تهم المرأة المسلمة، ثم حفظته، وكدت أن أحذفه. هل سنكتب عن هذا، في فضاءات تتقاذف فيها الأفهامُ الفِكَر، أم سنواري الفكرةَ والشعور صيانةً وتحايداً؟ ثم نكتب ما بكتبه غيرنا؟
“فبلغ ذاك معاوية فقال: “لَأَنْ يَكُونَ يَزِيدُ قَالَهَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ خَرَاجِ الْعِرَاقِ، أَبَتْ بَنُو هَاشِمٍ إِلَّا كَرَمًا”. وخراج العراق، إذ ذاك، يعادل -موضوعياً- إيراد آلنفط اليوم، ودّ معاوية الكلمة لابنه بثمن خراج العراق.
ما موقفك النفسي، والفعلي من كلمات غيرك التي تشتهي أن تكون لك؟
تشبه هذه المهمة بالنسبة لي، ما تفعله أنامل سمية حين تغزل بسنارتها نسيجها، أو فعل يد نورة، حين تشكّل عجينها.
كانت أخواتي يعجنّ ويخبزن ويغزلن، أيام كورونا، وكنت أترجم وأحرر، ثم بدا لي أن هذا -بصورة ما- عملٌ من جنس واحد
يذكّرني هذا -في وجهٍ منه- بقولة سيدنا عثمان: “كنت أعالج وأُنمّي ولا أزدري ربحاً …”، أن الأشياء الصغيرة المدروسة تُحدِث آثراً مطلوباً ومؤثراً.
كنت أنوي أن أكتب تدوينة في التعامل مع الألم: (هل يؤلمك قلبك إذا آلمك قلبك؟) ثم كتبت هذه.