وتخرج أنت من هذا لتحكيه، ديناً على اللغة، واستصحاباً لأرزاق لا ترى، ولُطف يتنزل، تكاد تتلمسه الأيدي ولكن لا تراه العيون.
حياتنا
أعادني هذا إلى كل ما كتبته في ملفاتي من خواطر ومسائل تهم المرأة المسلمة، ثم حفظته، وكدت أن أحذفه. هل سنكتب عن هذا، في فضاءات تتقاذف فيها الأفهامُ الفِكَر، أم سنواري الفكرةَ والشعور صيانةً وتحايداً؟ ثم نكتب ما بكتبه غيرنا؟
يذكّرني هذا -في وجهٍ منه- بقولة سيدنا عثمان: “كنت أعالج وأُنمّي ولا أزدري ربحاً …”، أن الأشياء الصغيرة المدروسة تُحدِث آثراً مطلوباً ومؤثراً.
ثم أن التغيير الذي تجريه في نفسك إنما يستديمه عندك شعورك بوجود أثر له يمتد -على الأرض وإلى السماء-، فالعامل حين يغرس فسائله أو يمد معاوله إنما يفعل ذلك لأجل مكانٍ لِما تُحدِثه يده في هذا العالم.
بلغت أشُدّك وأنت لم تُمنَع يوماً شربة ماء، ولم تُوصد دونك نافذة تطلّ منها إلى السماء؟
ويبقى درس الحياة: اغرس فسيلةً في يدك، وإن كنت لا تتطلب نباتها، وإن كانت في أرض بعيدة، أو في زمان لا يُضمن في مثله ثمر.
وضاحِك الغرباء، فالضحك يُزهر في قلوب المغتربين.
كان جدّاي كلاهما غواصاً، وكان جدّي لأبي (الذي فقد أخاه الوحيد في البحر) إذا سمع أغنيات البحر يرفع عصاه يتمايل طرباً لها، وكان جدي لأمي إذا سمعها سالت دموع عينيه، آلمته الذكرى وأشجته.
ممتنة لماء البحر في داخلي، تهبه نجد من يابستها فيستقيم طيناً، ممتنة للشراع يكشفك على الفضاء، وللهودج يواريك إلى الداخل.
أضع على نوافذي زرعاً، وأعتني بباقات الورد التي أهداها، كلما طرَق الورد بابي أو وصلتني نبتة في أصيص كنت أحاول أن أمدّ من عمرها برعايتها..
أذكر أني -منذ نحو عَقدٍ من الزمان- مرّت بي دعاية ظريفة – لشركة مواصلات، تقول الدعاية:
”It is smarter to travel in groups”
والجدوى من السفر جماعات، كما توحي المقاطع الكرتونية في الدعاية، متعلقة بمواجهة الأخطار أو الجدوى الاقتصادية، أو -ربما- لشيء من هذا وذاك!
لفت نظري أن داراً مثل هذه اهتمت بترجمة هذا الكتاب ونشره -ولستُ أنتقد هذا من أي وجه، بل أسجل موقفي النفسي، الأول-. لفت نظري ذلك، من حيث أننا في علاقتنا مع الأم نحوطها دائماً بما ينزهها عن احتمال النقص والعيب من كل جهة.