كنتُ على مسافة بُحورٍ حين قلتُ -عفواً- لأمي:
“يمة قلوبي تعوّرني”.
ما كنت أعرف حينها لِمَ جمعتُ (قلب)، واعتبرتُها زلة لسان.
كنت أداوي العزلة بالتواصل.
في مارس، عندما بدأت الحياة تعود شيئاً فشيئاً إلى طبيعتها، أرسلتُ إلى ساره:
– سارون، أبي أتطوع معاكم، عطوني شي أسويه.
كنت أتوقع تكليفاً بعملٍ مكتبيّ، يتعلق، مثلا، بالتخطيط لمشاريع، أوصياغة أفكار، أو تطوير مواد.
نورة تريدني أن أستعيض عن طاولات المقاهي بلايف إنستقرام.
أنا التي أحدّث صديقاتي فرادى، وأختار الطاولة ذات المقعدين، وأُقبِل على من يحدثني بجذعي كله، كأن في قلبي بوصلة تريد أن تضبط اتجاهها.
على مدى التاريخ الإنساني كله،كان الإنسان"العادي"، الذي يرعى مسؤولياته، ويؤدي ما عليه، في صِلته مع ذاته ومع الآخرين،كان هو دائماً الإنسان الناجح والصالح (المكتمل).
لسببٍ ما، لا يبدو هذا،كله،كافياً اليوم.
لم يعد يكفي أن تكون رب أسرة مُحبّاً وراعياً لأسرتك، أوموظفاً أميناً ومنجزاً فيما يوكل إليك، أوإنساناً مستقيماً في سلوكه.
هذه الأشياء"الصغيرة" لم تعدكافية، وصار عليك أن…
أمس كنت أقول لصديقة أن ساعة الراحة “إنجاز”، وألا تدفع نفسها لفعل ما يثقل عليها.
وأن أعظم إنجازاتك، في بعض أوقاتك، أن تكون هادئ النفس ..
هل اشتقتَ إلى سيارة صديق، تغني فيها بأعلى صوتك، أغنية تعبّر عن الحال، دون أن يسمعك أحد؟
في صلاة العيد، الإمام يخطب، والحلوى تدور، والأطفال يلعبون، وفجر المدينة ينسكب، فاجتمع كلّ ما فيّ من شتاتٍ وشوق، فبكيت..
وبجواري سيدة، من الجزيرة، تدير الحلوى والقهوة على صاحباتها، وهي تنتقد من يبكي في يوم العيد؛ أنه يوم فرح، بصوتٍ يتطاول إليّ، وليس من يبكي في الصفّ سواي.
الهدية عالقةٌ في المحل، وكلمات الإهداء منثورة بين خربشات الدفتر.
دفتر التحضير مطوي في بطن الكتاب، أربع دفات متداخلة، ويبدو القلم -بلا غمد- في زاوية الكتاب، متهيئٌ لاستكمال الكتابة.
وأنصاف أوراق صُفر على اللوح، وقائمة مشاغل، وشطر من بيت مثبت بدبوس في زاوية لوح الرزنامة الأبيض.باكراً –قبل مطلع هذا الشهر- بدأت بملازمة البيت والالتزام بالتعليمات، لم أخرج،…