في حلقة د. خالد الجابر -في (بدون ورق)- يقول الطبيب النفسي: “تنتشر عند الناس عبارات أنو أللي مؤذين اتركهم، اشطبهم من حياتك. طيب؛ شطبت واحد، شطبت اثنين، شطبت ثلاثة، (يعدّهم بأصابعه)، تَبتل تشطّب في العالم؟!”
ومازال محمد يُعيد العبارة عليّ -يناكفني- في كل موقف أًعبّر فيه عن زهد أو تخلٍّ، يقول: “تبتل تشطّب في العالم؟!”
هل يمكن أن نراجع حياتنا الاجتماعية؟
ملاحظاتٌ على الحياة
كلنا -تقريباً- حصلنا على نسختنا من كتاب (عايزة أتجوز)، الذي صدر 2008 عن دار الشروق في (سلسلة جديدة للمدونات العربية المتميزة)[1]، ومازلت أذكر -وأنا إذ ذاك أدرس الماجستير- حين كلمتُ عمتي وهي في زيارة للقاهرة: “عمتي بأوصيك تييبين لي كتاب”، وظنّتْ هي أنه من كتب التخصص، ثم تقطعت كلماتي في موجة ضحكي، إثر ردة فعلها،…
وفي حكم ابن عطاء الله السكندري: “من آذاك فقد أعتقك ..”
ولقد تساءلت: لماذا يأخذ الحديث تظاهر الناس بكثرة الأشياء، هذا المأخد؟، إذا كان المظهر “الخارجي”، والسلوك “الخارجي”، من أمر الناس يتعاملون به في دنياهم، وفق طبائعهم، وطبائع أزمانهم، فلماذا يأخذ قيمة دينية؟
حدثتني صديقة درست في جامعة بيرزيت وتعمل أستاذة فيها أن عدد الطالبات في الجامعة (حيث تدرس، وفي فلسطين عموماً) يفوق عدد الطلبة، حتى تبلغ نسبة الطلبة الذكور -في القاعة الدراسية-السدس أحياناً.
أنا أشعر بأن الخؤولة هي الحب الروحي الذي أراده الله في صورة مجسّدة، مخلوطة بالدم، معجونة بالطين.
في ٢٠١٢ تقريباً، قرأت في تعريف إحدى الفتيات على صفحتها في تويتر عبارة: “أبلّك احتياط”
استلطفت هذه العبارة، شعرت أنها اعتذار مبطن لطيف، لخطة يتبناها المرء وسط هذا الموج البشري الهائل، طريقة فرملة، لوحة تحكم، نعم، هذا ذلك هو التعبير الأدق: لوحة التحكم.
ظلّت نظرتي إلى نفسي في علاقتي بالجموع والزخام وضجيج الحياة “الطبيعي” مشوشة حتى أتممتُ هذا الكتاب.
كنتُ -عُمْرا طويلاً- أرى بأن التسامح هو الأصل في العلاقات، ثم صرت أرى أن المسافة هي الأصل.
مسافة الأمان التي تمنحك وقاية مما قد يتطلب التسامح لاحقا.
كانت -رحمها الله- من ألطف الناس وأقوى الناس، ومن أحسن من قد يمرّ عليك خُلُقاً. وأظن أن قدراً كبيراً مما تتحلى به من حسن خلق راجعٌ إلى قَدْر ذاتها عندها.