Skip to content Skip to sidebar Skip to footer

و”الحُبّ راعيةُ الفضائل”

كنت قد حضرت محاضرة في الجامعة عن (العشق عند العرب؛ باعتباره حالة مرضية)، كانت محل عناية في الطب التراثي ودرسها الأطباء (مثل ابن سينا والرازي وغيرهما)، ولا زلت أذكر كيف أن من الحاضرين أقواماً قد كان فوق تَصوّراتهم أن يدركوا أنّ قوماً “إذا عشقوا ماتوا”.

كانت المحاضِرة تورد نصوصاً لابن سينا والرازي عن التداوي بالوصل بالمحبوب، أو تشخيص العلة بما يطرأ على المريض عند ذكر اسم المحبوب، أو إيراد ذكراه.

قال بعض الشباب العرب في المحاضرة، أن في بلداننا إذا ما ساء مزاج فتى قيل فيه: ما لِفلان؟ أعاشق هو؟”

وتذكّرتُ من كانت عروساً عُقِد قرانها قبل الثاني من أغسطس ١٩٩٠ بأيام أو أسابيع، ثم أُسِر زوجها وغابت أخباره، تحررت الكويت، ولم يكن من العائدين، وتضاءل الأمل بعودته حتى صار في عداد الشهداء. وكانت صبية في أول العشرين إذ ذاك، تزور أهله كل أسبوع، ولم تُزَف إليه، حتى إذا جاءها من يشفق على حالها وألحّ عليها أن ترفع دعوى طلاق في المحكمة لتحل به رباطهما، وعدَته أن تنظر في الأمر ثم لم تلبث أن مرضتْ مرضاً يُلزمها الفراش ثلاثة أيام.

كان من يعرفها يعرف أنها تَمرض وتُعاد إذا فكّرت أن تُطلّق من عريسها الغائب. ومضى حالها على هذا، عروساً لم تلبس البياض، وكنّة لم يظللها مع زوجها سقف.


هامش: وفي أن يعشق الإنسان ثم يموت نُبلٌ، إذ هو فوق تعففه، لم يجعل من عشقه الغالبِ مادةً للأذى.
وقرأتُ أن العرب تقول: “الحب راعيةُ الفضائل”** (وردت لفظة الحب هنا، ولم يرد العشق). سبحانك اللهم.

أضِف تعليقاً

اشترك في القائمة البريدية، تصلك آخر التدوينات ومواد أخرى، في نشرة أسبوعية.

Sign Up to Our Newsletter

Be the first to know the latest updates